الأربعاء، 23 يوليو 2008

مدينة لليراع

وضعتُ نفسي قُربَ نفسي
أطفأتُ أنفاسي
وأشعلتُ الشُّموع
لا شيءَ غيرَ اليراعِ يجولُ في مزرعتي
وأصداءِ الشموع

أعرفُ سِلكَ التَّيارِ هُنا
اقتربتُ مِنه
وتخيَّلتُ أني صفعتُه
تخيَّلتُ انتِفاضَتي
وتخيلتُ الدُّموع

مزرعتي تمشي في الليل
تحمِلُ القناديل
تزحَفُ تحت المدينة
وتستَرِقُ السَّمع
تعُبُّ من بالوعاتِ المدينةِ أزِقَّةً وأغنيات
وتَغيبُ عَنّي
صارت تعبُدُ التاريخَ في أرضِ المَجوس
أخرجتُ مِرآتي يوماً
وخرجْت
أُقيمُ أضلاعي
وأحضُنُ الرُّفات
أراها صَمّاءُ لا تُجادل
مرَّغتُ أنيني بالفُتات
بالأسود
عُدتُ لِمِرآتي
ودخلْت
رأيتُ صَوْتي فِيَّ مِمْسَحَة
فتمَزَّقْت

لم تعدْ مزرَعَتي
ولم أحصُدْ
خمسونَ عاماً آكلُ مِن اليراع
وأرى بِنور اليَراع
وأعرفُ أنَّ مزرعتي تَقْتاتُ من ساحاتِ العالَمِ
أرصِفَةً
وأنَّها مِن فوقِ سُطوحِ العِماراتِ تَجْمَعُ الشّمس
بفَضْلِ اليَراع
لم تعدْ غايَتي الشمس

تلك الشَّمعةُ
عَرَفتُها
تدمَعُ من نارِها
ولا تهتَزّ
ترفَعُ بُرتُقالَتَها الوحيدةَ
لمدنِ الليلِ الظّمأى
ليلِ الصَّيفِ ولا تهتزّ
أُحادِثُها
أُجادِلهُا
نارُكِ خرساءُ لا تُقاتِل
جرَّبتُ قُبلَتَها
لا تهتزّ
صار اليراعُ يستَظِلُّ بِها مِن اليأس

لا أحدَ يُحبُّ اليراعَ غيري
لا أحدَ يركبُ اليراع غيري
لا أحدَ يرى الطاحونَ غيري
أفي كُلِّ نَفَسٍ لا تَهتَزُّ الشّموعُ به أذوي أنا ؟
أفي كلِّ صيفٍ أحرُثُ الأرضَ
أجني دَما ؟
يا دموعَ السماءِ كرِهْتُكِ
وصَدى آهاتي
وبحرَ ظِلِّك
لا أرى سِوى خيطِ دُخانٍ انبَرَى
من حَلَمَةِ مدفَعٍ ضائِعٍ بمزرعتي
ما انفَكَّ يقرُبُ مِن وجهي
ويُغريني

اقتربتُ الآن من سِلكِ التّيار
وصفعتُهُ
وانتشَيْت
رأيتُ انتفاضَتي
ورأيتُ الشّموع
غَرَزوا فِيَّ الأرضَ
وأطفأوني
لا شيءَ غيرَ ضوءِ اليراعِ
في سِياجِ مزرَعَتي
وأصداءِ الشّموع.

ليست هناك تعليقات: